ولدت اليوم وردة بلون أحمر بين مجموعة ورود صفراء، أضفت على الجموع اختلافاً جميلاً مبهجاً. وبدأت رحلة الأم و الأب في سبيل العناية في هذه الوردة منذ لحظات التنفس الأولى لها ؛كي لا تذبل . لنفتح بتلات هذه الوردة و نتعرف على الشلل الدماغي، متفحصين ما يخص هذه الوردة الفوّاحة.
ما هو الشلل الدماغي؟
يتبادر إلى أذهاننا عند الإشارة لكلمة شلل أن هناك مشكلة بالحركة -وهذا صحيح حتماً- و من خلال الشق الآخر من المصطلح “دماغي” إذاً هو على مستوى الدماغ و الأعصاب ، فإذا أجملنا هذه النقاط بتعريف واحد فإن الشلل الدماغي ” اضطراب في الحركة يحدث بسبب خلل في الدماغ ” وهذا الخلل غير تطوري ، أي أنه مع مرور الوقت لا ينحدر للأسوأ ، بينما إذا لم يتم الإهتمام بالمشكلة و متابعتها و محاولة إغلاق الفجوة ما بين العمر الزمني و العمر التطوري، فإن الأمور ستبقى على حالها السيء .طفلي أصبحت لديه كل هذه المشاكل بعد الثلاث سنوات نتيجة سقوطه، فهل لديه شلل دماغي ؟ طبعاً لا ، إن الشلل الدماغي يكون منذ لحظة الولادة حتى عمر الثلاث سنوات فهو يُصنف ضمن الشلل الدماغي ، أكثر من ذلك يصبح شيء آخر مختلف.
المشاكل المترافقة مع الشلل الدماغي
دماغ الإنسان كتلة واحدة ، و كله مترابط مع بعضه البعض فإذا حدث خلل في منطقة ما في الدماغ قد تؤثر على جوانب كثيرة، بقولنا في التعريف السابق أن الشلل الدماغي هو اضطراب حركي ، فهذا لا يعني أن المشكلة ستكون حركية فقط لكن هناك مشاكل كثيرة مصاحبة ،ناتجة عن وجود خلل في مناطق الدماغ المسؤولة عنها.مع التنويه إلى أنه يوجد نوع من الشلل الدماغي يكون فقط اضطراب حركي غير مصاحب لمشاكل أخرى ، الجوانب المتأثرة هي :
١-الإدراك : الإدراك عند الشلل الدماغي يكون ضعيف ، لذلك هم متأخرين عن أقرانهم في أغلب الأحيان.
٢-اللغة والنطق : نظراً لإصابة الدماغ فإن مراكز اللغة و النطق المتوزعة في الدماغ ستتأثر، ما يؤثر على التواصل و يحدث التأخر اللغوي، مع التأكيد على أن الإدراك و اللعة مترابطان، فإذا تأثر الإدراك المهم في تعلم اللغة ستتأثر اللغة، و هناك سبب آخر غير مباشر وهو الحركة، فالحركة ضرورية للاستكشاف ،وتعلم الأشياء المحيطة وبناء معرفة حولها، هذه المعرفة تستخدم في تعلم اللغة، فإذا كانت غير موجودة أو قليلة فإن اللغة ستكون قليلة، بالإضافة لنتيجة مشكلة الحركة فإن الطفل المصاب بالشلل الدماغي لا يستطيع اللعب ضمن مجموعة بحركات معينة، ما يقلل من فُرص تعرضه لمهارات ما قبل اللغة مثل تبادر الأدوار، اللعب ضمن أدوار، التواصل البصري وغيرها،المهمة لاكتساب اللغة.
٣-الرؤيا:وذلك أيضاً بسبب الخلل في الدماغ إذا حصل ضمن المنطقة المسؤولة عن الرؤيا.
٤-السمع : من الممكن أن يؤثر الشلل الدماغي على السمع فيصاب الطفل بمشاكل سمع ، أو مشكلة في الفهم السمعي نتيجة إصابة منطقة السمع في الدماغ.
٥-السلوك : قد يرافق الشلل الدماغي مشاكل في السلوك نظراً للإصابة و كسبب غير مباشر أيضاً بسبب الشلل نفسه تزرع سلوكيات مختلفة
.
أسباب الشلل الدماغي
حدوث مشكلة في الدماغ قد ينتج عن أسباب متعددة تؤدي إلى شلل دماغي، إذا بحثنا في هذه البتلة عن الأسباب فسنجد أنها قد تكون قبل عملية الولادة أو خلالها أو بعدها . فإصابات ما قبل الولادة مثل :
1-إصابة الأم الحامل بالحصبة الألمانية.
٢-الأمراض المزمنة ( مثل:السكري)
٣-تعرض الأم الحامل للإصابات الجسمية.
٤-التعرض للأشعة ٥-تناول المواد السامة.
٦-التفاف الحبل السري ، وتسمم الحمل، وعدم توافق العامل الرايزيسي ، والخداج. قد يحدث الشلل الدماغي أثناء عملية الولادة، قد نستغرب لوهلة كيف يحدث أثناء عملية الولادة؟ نعم صحيح ،لا نستغرب من هذا الأمر فكثير من الاضطرابات تحدث نتيجة خلل أثناء الولادة نفسها ، مثلاً:حالات عسر الولادة وما يرتبط بها من مضاعفات . أما الحالات التي تحدث نتيجة خلل بعد الولادة :
١-نقص الأكسجين.
٢- الحمى
٣-الأمراض المعدية.
٤-الأورام الدماغية
٥-النزيف ،التسمم و إصابات الرأس. تقول إحداهن : “أخوي عنده شلل دماغي ، معقول ابني صار عنده شلل دماغي من أخوي” والجميع حولها يحملها الذنب، على أنها تزوجت ابنهم و أنجبت مثل أخيها المصاب بشلل دماغي، مهلاً ،مهلاً فالشلل الدماغي ليس اضطراب وراثي البتة، لا يورث أبداً . قد يحدث لسبب أو خلل في الجينات لكن لا يُورث. الأطفال الذين يعيشون في بيئة إجتماعية واقتصادية متدنية هم أكثر عرضة للشلل الدماغي؛ بسبب سوء التغذية و عدم كفاية الرعاية الصحية للأم الحامل أو رضيعها.
أنواع الشلل الدماغي
كما ذكرنا سابقاً أن التأثير الأساسي يكون على الحركة، وطبيعة المشكلات الحركية تعتمد على مرقع التلف الدماغي وشدته. إذا نظرنا في حقل الشلل الدماغي سنجد أنواع من الورود فمنها:
- الشلل الدماغي التشنجي : فالعضلات في هذا النوع تكون مشدودة ومنقبضة،و الحركات غير متناسقة،إذا كان بمقدوره أن يمشي فهو يمشي “مشية المقص” حيث يقف على أصابع قدميه و ركبتاه متجهتان نحو الداخل.
- الشلل الدماغي الإلتوائي(التخبطي): يتصف هذا النوع بحركات غير منتظمة ولولبية واسعة،عندما يكون الطفل في حالة استرخاء أو نوم فالحركات غير الطبيعية تقل وتختفي. قد لا يكون باستطاعت الطفل التحكم بشفتيه وحلقه فيسيل اللعاب من فمه،أحياناً تنقبض العضلات وتتوتر أحياناً و ترتخي وتضعف أحياناً أخرى.و غالباً هذا النوع يعاني من مشكلات في اللغة التعبيرية.
- الشلل الدماغي اللاتوازني (الترنحي) : الطفل يفقد التوازن و يضعف إحساسه بوضع جسمه،قد يمشي مترنحاً أو يهوي على الأرض إذا لم يسنده أحد.
إشارات حمراء ينبغي التوقف عندها
هناك عدد من الإشارات الحمراء التي إذا لوحظت على الطفل في عمر مبكر يجب الإنتباه لها و القيام بالفحوصات اللازمة، من الممكن أن يتعرض الطفل للخطر إذا بدى عليه تأخر في النمو ،أو أظهر حركات غير عادية وغير طبيعية من التوتر العضلي، أو استجابات حركية أولية ينبغي أن لا تحدث، وجود صعوبات بلع، البكاء عند تغيير الوضع،إبقاء الإبهام داخل اليد،عدم تحريك الألعاب من يد إلى أخرى، ركل الرجلين بشكل متزامن وليس بالتناوب ، التأخر في الجلوس،تشنجات عضلية، إخراج اللسان من الفم بشكل متكرر،ارتخاء العضلات،انحناء الظهر عند الجلوس،التهابات الجهاز التنفسي بشكل متكرر، استخدام إحدى اليدين فقد قبل أن يبلغ السنة الأولى من عمره. فإذا اجتمعت هذه الأمور الملاحظة فإن نسبة الخطر تزيد.
متابعة هذه الوردة منذ تفتحها و مساعدتها على أن لا تذبل بالكشف المبكر عنها ، و القيام بإجراءات التأهيل المناسبة يساعدها على النمو، فلنجعل هذا الحقل المختلف متناغماً مع هذه الحياة ، ولا نفاقم مشكلته بالإهمال فيذبل،احتضنهم بروحك وكن معهم في صعابهم .