ضعف السمع و خسارة الأصوات من حولنا .
صوت دقات الساعة ، العصافير المغردة ، الرياح الهامسة، حفيف الأوراق، غدير الماء و صوت المطر ، كلها أصوات تذوب
قبل الوصول لأذني ، تجعلني أفقد احساسي بالأشياء من حولي، تتراقص نظراتي خلفها محاولةً الوصول لصوت ما لكن عبثاً تحاول، فنظراً لمشكلتي وهي مشكلة ضعف السمع لا أستطيع الشعور بلذة هذه الأصوات اللاشعورية بالنسبة لك.قد يخطر على بالك الكثير من الأسئلة حول مشكلتي، ربما أجيبك عنها هنا فاتبعني.
التطور السمعي:
هل نسمع و نحن أجنا؟ سؤال ربما سمعناه من عدد كبير من الناس، فإذا قالت الأم مثلاً: ” يالله هالبيبي كثير تعبني ” يخرج أحدهم ليقول لها مثلاً: ” ما تحكي هيك بيسمعك وبيزعل” فيستغرب الجميع والكل يبدأ بإعطاء رأيه حول الموضوع، لكن هذا صحيح يا ماما فجنينك يسمعك منذ الأسبوع العشرين في بطنك، ويسمع المؤثرات من حوله ، لذلك اشحنيه دوماً بالطاقة الإيجابية، مع العلم أنه يسمع صوت دواخلك و أحشائك كصوت شبيه في مكنسة الكهرباء أو مجفف الشعر؛ لذلك بعض الأطفال ينامون على صوت مكنسة الكهرباء أو مجفف الشعر، ثم بعد الولادة يستطيع الطفل سماع كل شي بشكل كامل ، فالطفل يولد بحاسة سمع كاملة وذاكرة سمعية، وهما مهمان جداً في عملية التطور اللغوي و تعلم اللغة، فبدون سماع الكلمات و المفردات سيكون هناك تأخر لغوي أو لا تظهر اللغة،وبعد عمر السنة مثلاً تصبح لدى الطفل قدرة على الانتباه الانتقائي و تتطور خلال السنتين من عمر الطفل.
آلية السمع
سماعنا الأصوات من حولنا بسلاسة كاملة ، يجعلنا لا ننظر لآلية سماع الأصوات و كيف تتم ؟ لكن بالنظر إلى هذه العمق ، فإن الأصوات تدخل أذننا على شكل موجة،تقوم الأذن الخارجي بجمع الأصوات و توجيهها إلى القناة ثم إلى غشاء الطبلة الذي يهتز حسب الموجة المدخلة، فيهز بدوره عظيمات الأذن في الأذن المتوسطة ( المطرقة،السندان،الركاب) فتنتقل هذه الاهتزازات إلى الأذن الداخلية بما تحتويه من قوقعة وعصب سمعي ، و بعمليات تحويل للطاقة مع انتقال سيال عصبي في الخلايا السمعية، يصل الصوت إلى منطقة السمع في الدماغ ليتم تحليله و التعرف عليه.
ضعف السمع و أنواعه
العديد من الناس يعتقد أن ضعف السمع يعني عدم القدرة على السمع بشكل نهائي (صمم كامل) ، ضعف السمع هو عبارة عن وجود مشكلة في سماع الأصوات إما على جميع الترددات أو على الترددات المنخفضة أو الترددات المرتفعة ،أو سماع أصوات مع عدم القدرة على تمييز هذه الأصوات مجرد صوت غير واضح مضمونه، ويختلف ذلك بناءً على نوع ضعف السمع فهناك:
أولاً :ضعف السمع التوصلي: وهو ضعف السمع الذي يحدث نتيجة مشكلة في الأذن الخارجية أو الوسطى،ما يعني أن الخلل يكمن في عملية إيصال الصوت إلى الأذن الداخلية، ويتميز هذا النوع من ضعف السمع على الترددات المنخفضة ، مع القدرة على تمييز الكلام .
ثانياً: ضعف السمع المختلط :ويكون ما بين التوصيلي والعصبي ،أي أنه نتيجة مشكلة في توصيلية وعصبية.
ثالثاً :ضعف السمع الحسي العصبي في هذا النوع من ضعف السمع يكون بسبب وجود مشكلة في القوقعة أو العصب السمعي. وأهم ما يميزه هو وجوده على الترددات العالية غالباً وعلى المنخفضة أيضاً، و يكون تمييز الكلام في هذه الحالة ضعيف.
مع وجود درجات مختلفة لضعف السمع فهناك ضعف سمع بسيط،متوسط، متوسط إلى شديد،شديد ، وشديد جداً.
الكشف عن ضعف السمع
الكشف المبكر هو منقذنا في هذا السبيل، فكلما كان الكشف مبكراً والعلاج مبكراً كانت النتائج أفضل ، و ساعدت الشخص في كثير من الجوانب أهمها اللغوية -إن كان طفلاً-كلنا معرضين لضعف السمع صغاراً كنا أم كباراً ، مثلاً قد تستيقظ ذات صباح من النوم فإذا بسمعك لم يستيقظ، فأمامك طريقين إما إهمال المشكلة فتدوم أو علاجها و الكشف عنها فتتوقف. وهناك أسباب عديدة لضعف السمع، فعندما تشعر أن طفلك لا يستجيب للأصوات فلا تتردد بعمل فحوصات سمعية له،أو إذا شعرت أن سمعك تغير و أصبح أقل فلا تتردد بعمل الفحوصات السمعية اللازم لإنقاذ نفسك و طفلك.
علاج ضعف السمع
يظن البعض أن ضعف السمع لا علاج له ؛لأن لديهم فكرة أنه صمم كامل، لكن لضعف السمع حلول و ليس علاج كامل ، باستخدام المعينات السمعية سواء (سماعات طبية،زراعة قوقعة، زراعة في العظم، زراعة في جذع الدماغ…) ، في مجتمعاتنا للأسف الشديد تتشكل فكرة أن السماعات الطبية “عيب” أو تعني مشكلة كبيرة، أو “ييي بيسمعشش” . فيتجنب البعض اللجوء إليها،السماعات الطبية هي وسيلة تجعلك تسمع الأصوات من حولك بشكل واضح ليس إلا، وهي شيء جميل جداً ويساعد كثيراً، فلا تتردد يوماً باستخدامها.
ضعف السمع عالم كبير، أسبابه متنوعة و كل سبب له خصائصه المعينة التي ربما نزورها ذات يوم في إحدى المقالات، دع دروب ضعف السمع ،التعرف عليه ، والكشف عنه و الأهم علاجه يقودك لمحطة حافلة بالأصوات التي كنت تتمنى سماعها، فيتراقص صوت العصافير طرباً في أذنك، وخفيف الأوراق مرفوفاً حولك، و غدير الماء يتناغم مع روحك، لتشعر بكل هذه التفاصيل الجميلة التي ظننت أنك فقدتها للأبد.