الكشف المبكر كنزٌ يغنينا

صوتُ بكاء طفلك يملأُ زوايا غرفة
الولادة،و صوتُ الطبيب يقول: “الحمدلله على سلامتك أجاكِ بيبي زي القمر” ، الأهل في الخارج قلقون و تتناثرُ تنهيداتُ الألمِ من دواخلك ، إلا أنها تنطفئ عند رؤية مولودك. الكلُ سعيدٌ بالمولود الجديد التحضيرات و المباركات . تقفلُ هذه الساعات ثمَّ تبدأُ رحلتك يا ماما مع طفلك فتجدين أنه لا يستجيب للأصوات من حوله ، الطفل لا يلتفت للأصوات!

بداية المشكلة

تقفز علامات الاستفهام إلى دماغك ، ثمّ تقومين بطرحها فإذ بكبارِ العائلة الخبيرين بشؤون الأبناء ، يقولون “بكرا بيكبر و بتشوفي كيف بيصير يطلع على كلشي” و أنتِ تستجيبين لكلماتِهم و تمضي السنون و طفلك لا ينتج كلمات ولمْ تسمعي منه حتى هذه اللحظة كلمة ماما أو بابا، ثمَّ يكررون عليكِ” بكرا بيكبر و بيوجع راسك بحكيه” و تعادُ الأسطوانة مرةً أخرى.

تجدين نفسك تفكرين كثيراً حتى تَقِلُّ قدرتك على النوم و يصيبك أرقُ التفكير في موضوع طفلك، نعمْ تقررين أخيراً قرارك الخاص الصائب مع زوجك بزيارة الأخصائي وعمل الفحوصات الضرورية للسمع.

و بعد إجراء الفحوصات ، ينعقدُ لسانَكِ من صدمة لم تكنْ بالحُسبان، فتجدين أنَّ طفلك ضعيف سمع منذ الولادة و أنتِ و والده منذ تلك اللحظة في دوامة تأجيلات حتى يكبر طفلك.

أهمية الكشف المبكر

نحاولُ إرضاء أنفسنا و إزالة الذنب من أفكارنا، فنسأل الأخصائي ما الفرق إنْ تمْ الإكتشاف الآن أم منذ الصغر المهم العلاج . وهنا تتركزُ الفكرة يا ماما ، الفكرة الأساسية في العلاج المبكر المهم للطفل، لأن الذاكر و الخبرة السمعية عند طفلك غير موجودة بالتالي فإن مخزونه اللغوي أيضاً سيكون غير موجود بالتالي خسرتي الكثير من الزمن و الوقت لتطوره السمعي واللغوي،مع العلم أنَّ الطفل منذ لحظة بكاءه الأولى يبدأ تطوره اللغوي ، و هو يسمعك وهو في بطنك من أسبوعيه العشرين ؛لذلك يا ماما إذا تمَّ علاج طفلك مبكراً فستكون النتائج أفضل و بالإمكان إلحاقه بأطفال جيله.

إذ أن التأخر اللغوي يؤدي كما تعلمين للتأخر الأكاديمي و صعوبات التعلم مما يفتحُ عليكم الكثير من الأبواب أنتمْ بِغنى عنها عند إتباع إجراءات العلاج المبكر، من الفحوصات و التقييم السمعي منذُ الشهر الأول من عمر الطفل ثم البدء في اجراءات العلاج عند وجود مشكلة و المتمثلة في المعينات السمعية قد تكون سماعات طبية أو زراعة قوقعة، ثم إعادة التأهيل السمعي؛حيث إنَّ استخدام المعينات السمعية بدون إعادة التأهيل السمعي غير مجدي، و فترة إعادة التأهيل التي يجب أنْ تبدأ من الشهر السادس من عمر الطفل،وهناك العديد من الدراسات التي تشير إلى أن الأشخاص الذين استخدموا المعينات السمعية و تمَّتْ إعادة تأهيلهم نسبة تأخرهم اللغوي كانت أقل. و بذلك دعينا نرى يا ماما كمية الوقت و الجهد التي اختصرتها على نفسك و على طفلك ؛بالتالي فإن هناك فرق كبير جداً بين ما تم اكتشافه الآن لو أنه تم اكتشافه مسبقاً

ما فاتك يا ماما


طفلك يا ماما في تلك اللحظات التي صابك الشك فيها أنّه يعاني من مشكلة بسمعه، كان من الطبيعي أنْ يلتفت للأصوات على الأقل كصوتك و صوت طرقات الباب وغيرها ، ثم أن يستجيبَ عند مناداته و من المفترض أنه بدأ يخرج أصواته العفوية منذ الثلاثة شهور و يبدأ بالمناغاة ثم بمرحلة الرطانة على عمر الستة شهور، قد تخرج منه بعض الأصوات ثم يتوقف عن إخراجها لأنه لا يسمعها؛ و بذلك هو لا يجد رد فعل سمعي عما يجربه من أعضاء النطق بخروج بعض الأصوات لذلك قد لا تسمعي هذه الأصوات منه مرةً أخرى،و ليس لأنه عندما يكبر سيتكلم و سيسمع.

الفحوصات السمعية لحديثي الولادة

مع التنويه لضرورة وجود فحوصات السمع للأطفال حديثي الولادة أو على الأقل أنْ يكون هناك مسح سمعي لهم في مستشفياتنا ، لما في ذلك من فائدة للطفل و الأهل ، كوْن عدد حالات ضعف السمع في بلادنا كبير وذلك لأسباب منها الوراثة و زواج الأقارب، بسبب بعض المتلازمات ،نقص الأوكسجين أثناء الولادة،إصابة الأم بفايروسات أثناء الحمل كالحصبة الألمانية ،و غيرها من الأسباب.

العائد الإقتصادي للكشف المبكر

بالإضافة لضرورة الكشف المبكر عن ضعف السمع و وجود الفحوصات لحديثي الولادة في مستشفياتنا و لما له من عوائد إيجابية على الطفل و الأهل ،فإنَّ الجدوى الإقتصادية لموضوع الكشف المبكر عائدة على الدولة وهناك علاقة مباشرة،وذلك يتركز بالآتي . ليكن لدينا شخصان واحد منهما يعاني من ضعف سمع منذ الصغر و تأخر في العلاج ،و بدأ رحلة علاجه في عمر العشر سنوات و هذا يعني أنه تأخر أكاديمياً و عانى من صعوبات تعلم، ولم يستطع إكمال تعليمه مما دفعه للإعتماد الكلي على محيطه ، أو المساهمة في أعمال طفيفة تعود عليه بدخل قليل ، بالمقابل فإن الشخص الآخر اكتشفت مشكلته مبكراً وعالجها مبكراً أيضاً و تابع في التأهيل السمعي ، و استطاع الإلتحاق في أبناء عمره ، ثم درس و تخرج و التحق بوظيفة تعود عليه بدخل يجعله يعتمد على نفسه بشكل كافي . إذا أمعنا النظر فسنجد أن الحالة الثانية بطريقة ما استطاعت أن ترد ما صرفته الدولة من مبالغ على السمع ، بمساهمتها الفاعلة بالمجتمع ،أما الحالة الأولى بسبب عدم تلقيها العلاج بالوقت المبكر فإن مساهمتها المجتمعية و الدولية كانت أقل . و بذلك فإن الأمر عائد للدولة بالمساهمة الفاعلة للشخص ضعيف السمع بسبب تلقيه العلاج المبكر و إلحاقه بكل مناحي الحياة.

استغل اللحظة بالكشف المبكر

ابدأوا من هذه اللحظة برحلة الكشف المبكر مع أطفالكم،حاولوا مساعدة أطفالكم دوماً و افعلوا ما تؤمنون به و وحاولوا حل علامات الإستفهام التي تقفز لدماغكم ، بكشفكم المبكرلضعف السمع عند الطفل ستساعدونه و تساعدون أنفسكم كثيراً،هيا يا ماما امشي مع طفلك في هذه الطريق المحفوفة بالتحديات و كوني قوية ، وساعديه دوماً حتى يسمع صوت رفرفة الفراشات و هدير الماء ، و يناديكِ بحب ” ماما سامعة ما أحلى صوت العصفور” ، لا تترددوا بعمل الفحوصات السمعية لأطفالكم.

شارك هذه المقالة:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on email
Share on telegram
Share on whatsapp

التصنيفات

المقالات ذات الصلة

guest

0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments