اضطراب الصمت الاختياري اضطراب نطقي نفسي

الكثير من الأمهات يتم طلبهن في المدرسة لأجل طفلهن، ويدق قلب الأم خوفاً من مشكلة ما، وعند وصولها المدرسة و اللقاء بالكادر الأكاديمي، تشرع التساؤلات تحيط بها “ابنك ما بيحكي من مرة طول الحصة حتى بعد الحصة وحتى مع زملاءه، من بداية الدوام حتى نهايته ما بنسمعله صوت” ، ” و بعضهم تقول ما شاء الله عليه شطور بيحكيش” و البعض الآخر منهم ” بيخجل يا ويلي عليه” ، و تتهافت أخرى ” خديه على أخصائي ما بصير هيك” ، وتجدين نفسك وقفتي في زاوية بين عدد من الكلمات و التساؤلات، تفكرين بينك و بين ذاتك ” بس ابني بيحكي معي منيح و بيكون كلامه منيح” ، إذاً هيا يا ماما نكتشف ما الذي يحصل لطفلك معاً.

ما هو الصمت الاختياري؟

تعصرين ذاكرتك حول مواقف طفلك في الكلام وتجدين حتماً أنه لا يتكلم أمام الجموع عند الذهاب إلى بيت عمته مثلاً، لكنه في البيت يتكلم بحرية، هل هذا طبيعي لطفلي أو غير طبيعي ؟ هل هذا خجل من طفلي مثلما كنت أعتقد؟ بدايةً يا ماما العزيزة دعينا نعرف الصمت الاختياري :” هو عبارة عن اضطراب يجعل الطفل لا يتحدث إلا في مواقف معينة و بوجود أشخاص معينين، و لا يتحدث في مواقف أخرى بسبب القلق، وهذا الاضطراب مربوط شعور القلق” ، يقلق الطفل حول كلامه، ويفضل السكوت و هذه الحالة قد يرافقها الرهاب الاجتماعي، لكن مثلاً لا يصح تشخيصها إلا بعد شهر على الأقل من المدرسة؛ ربما الطفل كانت ردة فعله الصمت في بدايات المدرسة، لكن يجب متابعته بعد الشهر، حتى ستة شهور تقريباً.  يهرب الطفل من الكلام أمام محيط غير عائلته مثلاً؛ لذلك تستغرب الأمهات لأن أطفالهن يتكلمون بأريحية في البيت، ما الذي جدّ الآن، لكن الطفل الذي يعاني من الصمت الاختياري يا ماما يتكلم أمامك نظراً إلى شعوره في الراحة و الأمان و لا يوجد ما يقلقه، ولا يتكلم أمام الآخرين بسبب شعور الخوف في داخله. متابعة كلام طفلك في كل مكان وملاحظات التغيرات أمرٌ ضروري.

أسباب الصمت الاختياري

يعزي الخبراء الصمت الاختياري إلى خوف من شيء كما ال (فوبيا) فالطفل لديه (فوبيا من الكلام )  و الحديث أمام أشخاص معينين، بعض الأسباب توحي بأن :

١-الأطفال يصبحون قلقين أكثر عند البعد عن أهليهم أو الانفصال عن الأهل، ووجود عامل القلق يخلق عندهم مشكلة الصمت الاختياري في مكان بعيد عن وجود الأهل.

٢- إذا كان الطفل يعاني من مشكلة في النطق و اللغة، أو ضعف سمع ما يجنبه الحديث خوفاً من ظهور المشكلة و هذا ما يفاقم المشكلة، مثلاً الأشخاص الذين يعانون من التأتأة يتجنبون الحديث و يهربون خوفاً من إظهار تأتأتهم.

٣- بعض الأطفال يخافون و لا يحبون المؤثرات المحيطة من صوت عالي و عوامل حسية خاصة الصوت العالي، أي أن لديهم مشكلة في الاحساس، كما يظهر عند أطفال التوحد، لا يستطيعون التكلم في وجود أصوات بيئية كثيرة مثل الأصوات في المدرسة.

٤-يصاحب الصمت الاختياري التعرض إلى صدمات نفسية كبيرة، ويتوقف الطفل عن التكلم في البيئة التي حدثت فيها الصدمة كأن شيء ما انفجر في وجهه. مثل أطفال الحرب خاصة أطفال غزة .

٥-من الممكن أن يترافق الصمت الاختياري مع حالات التوحد أيضاً.

٦- الشعور بالقلق الدائم من أي شيء، أي اضطرابات القلق عند الأطفال و الرهاب الاجتماعي. هذه الأسباب جميعها قد تؤدي لأن يَهِمُّ الطفل بالصمت الاختياري.

علامات الصمت الاختياري

كيف بإمكانك معرفة ما إذا كان طفلك لديه صمت اختياري أو لا؟ تابعي معي لنلاحظ، يظهر الصمت الاختياري عادةً في مرحلة الطفولة، في أعمار سنتين إلى أربع سنوات،و يتم ملاحظته عند بداية الطفل التفاعل مع المحيط و استخدام اللغة للتواصل، فالضوء الأحمر الذي يسحبك للخوف هو :

أولاً:عدم قدرة طفلك فترة طويلة الانخراط مع الناس المختلفين، ويكون وجه الطفل و تعابيره و كلماته كلها موضوعة في قالب من الثلج، بلا حراك ولا كلام.

ثانياً:يتجب الأطفال المصابين في اضطراب الصمت الاختياري التواصل البصري، و الظهور في المواقف الاجتماعي بشكل عام.

ثالثاً: عند النظر إلى الطفل تشعر بأنه غير مهتم و يريد الانتهاء و الهرب بأسرع وقت، قد تلاحظ قلقه أيضاً.

رابعاً: تشعر أن الطفل عنيد و يصر على موقفه ، كما أنك تشعر أنه يخجل من أمر ما. كما في كل حالة هناك اختلافات بين أفراد الاضطراب في الصمت الاختياري أيضاً اختلاف؛ هناك أطفال لا يبدون أي ردة فعل كلامية أو حتى بالاشارات، هناك أطفال قد يستخدمون اشارات بسيطة، إذا أرادوا شيئاً مثلاً أشاروا عليه أو يهزون رأسهم عند الاجابة في نعم أو لا، و أطفال آخرون أكثر ثقةً ينتجون كلمات بسيطة جداً، أو يجيبون بصوت بديل فيستخدمون الهمس للاجابة. هذه مجموعة أعراض قد تظهر على أطفال الصمت الاختياري.

علاج الصمت الاختياري

تحديد و معرفة المشكلة و تشخيصها أمر غاية بالأهمية يقودنا إلى الخطة العلاجية المناسبة، ويتم إجراء عدد من التقييمات منها اللغوية و النفسية و غيرها، و بعد اكتشاف المشكلة يتم وضع الخطة العلاجية من جانب اللغة و النطق، و تعزيز الثقة بالكلام إن كان لدى الطفل مشكلة لغة ، و بحاجة علاج نفسي من ناحية القلق ، الخوف ،و الرهاب،  تجنبهم مواقف معينة و معرفة السبب وراء تجنبهم هذه المواقف، خاصةً في حالة الصدمات، أو لماذا يسكتون في هذا الموقف بالتحديد ؟ بالعمل المتكامل ما بين أخصائي اللغة و النطق و الأخصائي أو المرشد النفسي يتم مساعدة الطفل. فالتخلص من القلق الذي يمنع الطفل من الكلام تنفتح طريق الكلام أمامه، و يفضل دوماً استيعاب الطفل، فإذا تكلم مثلاً في موقف لا يتكلم به علينا أن لا نبدي ردة فعل مفاجأة قد توتر الطفل. معظم العلاج يكون علاج سلوكي أكثر من علاج الكلام نفسه وهذا ما يختص فيه المرشد أو الاخصائي النفسي،كن حذراً في تعاملك مع طفل الصمت الاختياري.

طفل الصمت الاختياري الذي ظن نفسه قد وُضع في قالب مجمد في مواقف معينة، علينا أن نفهمها و لا نزيد الموقف عليه بالضغط و إجباره على الكلام ما يجعله قلقاً و متوتراً أكثر، والعلاج يتم عند أخصائيين مؤهلين ثم نتبع تعليماتهم و نساعد أطفالنا، فمحاسبة أو معاقبة الطفل لعدم كلامه مرفوض تماماً، خذ بيد طفلك نحو الأخصائي وساعده ليتخلص من شبح القلق الذي ينهش روحه؛لينتج كلماتٍ جميلة كما روحه.

سجل معنا و تابع الأخصائيين لمساعدتك

شارك هذه المقالة:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on email
Share on telegram
Share on whatsapp

التصنيفات

المقالات ذات الصلة

guest

0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments