الكلمات و الأصوات المفعمة بالحب و الدفء ملأت علينا الحياة منذ طربنا بأول بكاء لطفلنا، تراقصت الفراشات من حولنا ترفرف حول أذننا كي تسحبنا لسماع أصغر صوت يخرج بغتةً. قد يصيبنا الشك وهلة هل تطور طفلي اللغوي ضمن الطبيعي أم أنه متأخر؟ لذلك من الضروري جداً معرفة الْلَبِنات الأساسية في كل مرحلة من مراحل تطور الطفل اللغوي.
بداية ما هو الفرق بين اللغة و النطق ؟
يصادفنا العديد من الأهالي يعزون مشاكل الطفل اللغوية إلى النطق، فيقولون مثلاً:” طفلي ما بيعرف ينطق” أو ” ما بيحكي كلمات”، ولكن هناك فرق بين المصطلحيْن واضح. إن النطق و اللغة يندرجان تحت مظلة كبيرة تسمى بالتواصل المهم لسير حياتنا بشكل طبيعي، و كلاهما مختلفين عن بعضهما البعض، عند قولنا اللغة: فهي عبارة عن نظام يتكون من مجموعة رموز حُفرت في دماغنا و تشكلت و بُنيت. و عند تمثيل هذه الرموز باستخدام أعضاء النطق و إخراج الأصوات ( الحروف)، أي بتمثيل اللغة على شكل أصوات منطوقة و تسلسل كلمات بتسلسل حركات أعضاء النطق؛ هذه العملية تدعى “النطق”.
سيْر التطور اللغوي للطفل
دعونا نترجل قطار التطور اللغوي و نمر على محطاته محطةً تلوَ الأخرى. لو فكرنا مثلاً متى يبدأ الطفل بعملية التواصل ؟
الطفل يبدأ بعملية التواصل منذ لحظة الولادة، بعد خروجه لهذا العالم الغريب، من خلال بكاءه الأول و وجود وجوه مختلفة حوله بتواصلهم معه، و تواصل الأم معه فإرضاعه و من هنا يبدأ الطفل بعملية التواصل. وكما نعلم فمن المنطقيّ أن الطفل لا يُولد يتكلم، فهو بحاجة لسماع الكلمات من حوله و تفحصها، و تقطيعها ليستوعبها دماغه الصغير. ثم يقوم بتخزينها ليخرجها يوماً ما. هل تعلمين يا ماما الجميلة أن طفلك يستطيع تمييز لغته الأم عن باقي اللغات، فيعرف أن هذه هي اللغة العربية و تلك الإنجليزية وهذه العملية تكون في أول شهرين من حياة الطفل. و في هذينْ الشهريْن أيضاً فإن الطفل ينتج بعض الأصوات التي تدل أنه يشعر بعدم الراحة، فهو يصدر أصوات كالسعال، العطس، التجشأ و أصوات تدل على احتياجه لأمر ما.
التطور اللغوي للأطفال من عمر ٣-٦ شهور
لنتذكر قليلاً يا ماما، هل سمعتي يوماً طفلك يُخرج مقاطع صغيرة مثل ( غا غا غا) (آه آه ،آو ،آم،غو) التي تداعب فؤادك، في عمر الثلاثة إلى أربعة أشهر يبدأ الطفل بإخراج هذه الأصوات. ثم يبدأ الطفل بتطوير الأصوات المنتجة أكثر، ثم يبدأ الطفل بتجريب أعضاء النطق واللعب فيها و في الأوتار الصوتية بإخراج مقاطع مختلفة.
وبعد ذلك يبدأ بمرحلة جميلة ومهمة، فيحاول إنتاج مقاطع مثل ( تا ،ما، با) فيفرح الأب ويقول ( ابني حكا بابا)، ولكن يا بابا هذه ال (با) التي أخرحها غير مقصودة بأنك أنت، هي مجرد تجريب لأعضاء النطق، فخرحت على شكل مقاطع.
التطور اللغوي للأطفال من عمر ٦-٩ شهور
و نستمر في رحلة المقاطع حيث سنصل لاخراج مقاطع غير متشابهة مثلاً ( مابا ، باغا،باتا)، وتتدفق هذه المقاطع بلا قصد حتى عمر الثمانية شهور تصبح مقصودة، ويبدأ بدمج عدة أصوات فمثلاً ينتج(آبو،ابابابا.)
التطور اللغوي من عمر ٩-١٢ شهر
وهنا تضفي الأصوات التي ينتجها الطفل جواً من المرح والضحك، فيدخل في مرحلة الرطانة أو البرطمة، فيخرج أصوات ومقاطع غير مفهومة وكأنه يشرح قصة متواصلة، ظناً منه أن من هم حوله يفهمونه، ويستمر في هذه المرحلة مع إخراج بعض المقاطع المقصودة، ويستخدم التأشير أحياناً في طلب الأشياء، ثم نأتي لمحطة الفرح الكبرى وهي إنتاج الكلمة الأولى على عمر السنة إلى سنة ونص، وليست أي كلمة تُنتج تعتبر كلمة أولى، شروطها:
أولاً: أن تكون تشبه الكلمة المقصودة، مثلاً ” ما” عن الماء.
ثانياً: أن تكون مقصودة للشيء المراد ،فإذا قال الطفل “ما” يكون قاصداً الماء
ثالثاً: أن تشبه بمحتواها كلام الكبار .
وبذلك نفتح المحطات الأخرى لنستمع لكلمات بريئة وجميلة تكسو حياتنا فرحاً.
ما وصلنا إليه من محطات في إنتاج الطفل اللغوي، يتم بطرق معقدة و باستخدم العديد من المهارات التي تساعد الطفل على اكتساب الكلمات فإنتاجها، إلى هنا وصلنا لمنتصف الطريق لنكمل حتى النهاية باحثين عن طريق نحو المعرفة، والإطمئنان على أطفالنا وسيرهم الطبيعي دوماً .
سجلوا معنا.