الحب المشروط عنف من نوع آخر على الطفل و نفسيته

يتبع الأهل طرقاً في جعل الطفل يلبي رغباتهم أو ينفذ أوامرهم بعض هذه الطرق تكون خاطئة، و الأسوأ من ذلك أن تكون هذه الطرق الحرمان من الحب، أن لا تحرمه من اللعب في الحديقة أو من تناول وجبة يحبها باستبدالها بشيء آخر، إنما يضع الأهل للطفل شرطاً كي يحبوه، مثلاً إذا رتبت غرفتك سأحبك و هذه تعتبر من أسوأ الطرق الممكن اتباعها مع الطفل لتحقيق غرض معين منه، في هذه المقالة نتحدث أكثر عن الحب المشروط الذي يتبعه الأهل مع أطفالهم.

 

التطور العاطفي عند الطفل

يولد الطفل و يبدأ التطور العاطفي عنده بالانطلاق في مساره التطوري، يبدأ البحث عن من يقدم له الحب و الاهتمام و يمنحه الطمأنينة و الأمان، فالأمان العاطفي منذ الطفولة المبكرة يبقى مع الطفل في المراحل المتقدمة من عمره إلى أن يصبح شاباً كبيراً، و إذا حدث ضعف في الترابط العاطفي بين الطفل و الأهل يتبعه مشاكل نفسية و سلوكية، ويقلل من ثقته بنفسه و علاقته مع الآخرين. الأفكار و المعتقدات المستخدمة في تربية الطفل و المشاعر التي نتبادلها معهم تصبح جزءاً من سلوكيات الطفل و شخصيته، فما تعطيه طفلك من عاطفة و طرق و أفكار تربوية منذ صغره ستراه عليه بعد 15 عاماً، السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل مهمة جداً في بناء شخصيته و ذاته، و قد يستغرق وقتاً من حياته في التغلب على مشكلات و صعوبات و مشاعر سلبية  واجهها الطفل في هذه المرحلة، ومتابعة التطور العاطفي للطفل و تعزيزه أمر هام في خلق شخصية قوية للطفل.

 

الحب المشروط المتبع من قبل الأهل

هل استخدام الحب المشروط كوسيلة يعتبر ضمن وسائل العقاب و التعزيز؟ يلجأ الأهل إلى استخدام طريقة حجب الحب  عن الطفل أو ما يعرف بالحب المشروط كوسيلة لتعزيز توافق المشاعر و السلوكيات من وجهة نظر الأهل، كما و يعتبر من -وجهة نظرهم- طريقة مهمة في غرس القيم و المعتقدات في نفس الطفل، ويشتكي الأهل من عصيان الطفل و رفضه بعض الأوامر أو القيم و السلوكيات، فيتبعون طريقة حجب الحب عنهم كطريقة فعالة بنظرهم لتعديل بعض السلوكيات عند الطفل، إلا أن هناك طرق أخرى فعالة أكثر بإمكاننا استخدامها لتعديل سلوك الطفل بدلاً من حجب الحب عنه، لو فكرنا في شعور الطفل مثلاً هل فعلاً الطفل يربط حجبك الحب عنه في السلوك الخاطئ الذي قام به و تريد أنت أن تعدله؟ بالتأكيد لا، الطفل لا تتشكل في دماغه غير صورة واحدة و هي أن ” أمي لم تعد تحبني أو أبي لا يحبني” و تبقى هذه الفكرة تدور في دماغه و تعد أكبر مخاوفه، كما أن بعض الأهل يربطون حجبهم الحب عن طفلهم بتميزه و تفوقه، فيعتقدون أنهم عندما يضعون شرطاً مثل إذا حصلت على علامات ممتازة سأحبك أكثر يجعلون الطفل متفوقاً، بل بهذه الطريقة يجعلونه تحت ضغط كبير، و قلق و خوف دائميين.

 

كيف نتجنب الوقوع في الحب المشروط مع أطفالنا؟

نتخيل أن طفلنا جاء على  الحياة على شكل زهرة أو وردة عندما نسقيها، نغذيها و نهتم بها تزهر أكثر و تقدم لنا المزيد، أما عندما نهملها و نحرمها من ظلنا و حبنا فإنها مع الوقت تذبل و تصبح هشة أكثر؛ كذلك أطفالنا عندما نحجب عنهم الحب أو نشترطه عليهم و تتشكل عندهم فكرة واحدة أن عليهم أن يحققوا شرط الأهل ليحصلوا على هذه المشاعر و هذا الحب فالفكرة وحدها مزعجة، و علينا تجنبها من خلال:

1- تقبل أبنائنا و شخصياتهم بضعفها و قوتها، سلبياتها و إيجابياتها.

2- تجنب المقارنة و وضع معايير الذكاء و إتقان التصرف من خلال الآخرين ما يجعل الطفل واقعاً تحت ضغط كبير في كيفية نيل ثقة الأهل و حبهم بالتالي كره الطفل ذاته.

3- معرفة دوافع السلوك و محاولة تعديله بالطريقة الصحيحة و جعل الطفل مدركاً الخطأ الذي قام به و تعديله بكل هدوء و سلاسة.

4- تبادل مشاعرنا مع الطفل وإخباره بها، والتعاطف معه فسلوكياته الخاطئة طريقة في التعلم و لا تعتبر نهاية الحياة، وعلينا أن نوضح للطفل أننا نفهمه و نقدر مشاعره و أننا سامحناه.

5- تكريس وقتنا للاهتمام بالطفل و تبادل الحب معه بطرق مختلفة بما يحبه مثل تبادل الهدايا و الألعاب و تعزيز الطفل.

فهم طفلنا و تعديل سلوكياته بالطريقة الصحيحة لا بطرق الحب المشروط التي تفاقم المشاكل عند الطفل بدلاً من حلها من مشاكل سلوكية و نفسية و غيرها.

 

 

لا تحرموا أطفالكم من الحب لأي سبب كان فالنماء و التطور العاطفي للطفل يبني نفسيته و شخصيته و ثقته بنفسه أكثر، و يجعل قوة ترابط عاطفي بين الأهل و الطفل كبيرة ما يساهم في تقليل المشاكل النفسية و السلوكية المصحابة للطفل، لا تضعوا شروطاً في حب طفلكم و تزرعون في نفسه رسالة واحدة أن والديه لا يحباه إلا بوجود سبب رغم أنهما مصدر الحب، الأمان و الطمأنينة له.

 

للمزيد سجلوا معنا

شارك هذه المقالة:

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on email
Share on telegram
Share on whatsapp

التصنيفات

المقالات ذات الصلة

guest

0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments