رنُ جرس المدرسة مدغدغاً عواطف الأهل الفرحين بدخول أطفالهم المدرسة، و الخوض في عالم جديد يؤهلهم للسير قدماً نحو أحلامهم و أحلام الأهل، و تمضي الأيام و الشهور و ربما السنون، و الطفل لا زال ثابتاً مكانه بلا تقدم أكاديمي، و أصيب بوصمة “الطالب المش شاطر في الصف”، وتنهار آمال و توقعات الأهل و تبدأ عملية الإنكار، و يدخل الأهل في حالة من الريبة والشك في قضية أن الطفل لديه صعوبات تعلم، إذاً دعونا نغوص في أعماق الطفل الذي لديه صعوبة تعلم .
تعريف صعوبات التعلم
هناك عدد من التعريفات التي تخص جوانب مختلفة منها الجانب الطبي والجانب التربوي.
أولاً: تعريف صعوبات التعلم بناءً على الجانب الطبي : كما يشير الاسم (التعريف الطبي ) إذاً فإن صعوبات التعلم هنا تتركز على الأسباب العضوية لصعوبات التعلم ومنها الخلل العصبي أو تلف الدماغ المهم جداً في عملية التعلم، والذي إن أصابه خلل في مناطق معينة فإن عملية التعلم تختل .
ثانياً: التعريف التربوي و هنا يتم الربط مع الجانب الأكاديمي، ويعرف على أنه نمو القدرات العقلية بطريقة غير منتظمة ويركز هذا التعريف على مظاهر العجز الأكاديمي المتمثلة في :
١-العجز عن تعلم اللغة
٢- العجز عن تعلم القراءة
٣-العجز عن تعلم الكتابة والتهجئة.
وهنا نؤكد أن هذه التحديات لا تعود لأي سبب عقلي أو حسي. بالتركيز على أن التباين هنا بين التحصيل الأكاديمي و القدرة العقلية للفرد.
أما بالنسبة لتعريف صعوبات التعلم حسب الجمعية الوطنية الإستشارية للأطفال المعوقين؛ الأطفال ذوي صعوبات التعلم “هم الأطفال الذين يظهرون إضطرابات في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية التي تضمن فهم و إستعمال اللغة المكتوبة والمنطوقة والتي تبدو في إضطرابات السمع و التفكير والكلام ،والقراءة والتهجئة والحساب، التي تعود لأسباب تتعلق بإصابة الدماغ البسيطة الوظيفية، و نؤكد هنا أنها لا تتعلق بالإعاقة العقلية، أو السمعية أو البصرية أو غيرها من الإعاقات”.
مظاهر صعوبات التعلم
طفلي لديه مشاكل في الدراسة، إذاً هل هو طفل صعوبات تعلم، طفلي المعلمة تشكو منه طول الوقت أنه لا يحب الدراسة إذاً هو طفل صعوبات تعلم، لا يا ماما فهناك العديد من المظاهر لأطفال صعوبات التعلم عليكِ رصدها كي تقرري ذلك، هذه المظاهر تكون سلوكية أو بيلوجية أو لغوية. وكل واحدة من هذه الجوانب لديها تشعباتها المختلفة.
المظاهر السلوكية لأطفال صعوبات
أطفال صعوبات التعلم لديهم صعوبة في إدراك و تمييز الأشياء، فمثلاً طفل صعوبات التعلم لديه صعوبة في تمييز الشكل والأرضية لموقف، و أيضاً يصعب عليه إدراك الشكل و المثير، لديه صعوبة في فهم و إجراء العمليات الحسابية، التمييز بين الحروف و كتباتها بشكل معكوس، بالإضافة لصعوبة التمييز بين الأشكال الهندسية. أطفال صعوبات التعلم لديهم نشاط مستمر؛ أي أن الطفل يستمر بإجراء نشاط معين دون إدراك نهايته.مثلاً إذا طلبنا من الطفل كتابة حرف ال(أ) فإن الطفل سيتمر بكتابته على الصفحة كاملة دون توقف أو على الدرج، قد نتفاجئ أن طفل صعوبات التعلم الذي يعيش معنا في البيت إذا طلبنا منه إحضار السكر يُحضر الملح، أو إذا سألنه ما هو اليوم ؟ فيقول عن يوم الثلاثاء أنه الخميس مثلاً، وهذا يُعزى لإضطراب المفاهيم عندهم خاصةً المتقاربة و المتجانسة منها. نلاحظ على طفل صعوبة التعلم أنه زائد الحركة أي أنه لا يجلس في مكان واحد مدة طويلة، وأحياناً يتصف بالعدوانية و سرعة الإنفعال و الإنفجار.
المظاهر العصبية (البيولوجية)
كما ذكرنا من خلال التعريفات أن السبب قد يكون عصبي أو خلل في الدماغ، بالتالي فإن هناك مظاهر عصبية تطرأ على طفل صعوبات التعلم، قد تظهر الإشارات العصبية في مظاهر المهارات الحركية الدقيقة، و الاضطرابات العصبية المزمنة بسبب إصابة الدماغ سواء قبل أو أثناء أو بعد الولادة، خلو العائلة من الإعاقة العقلية، أي أن أطفال صعوبات التعلم مستوى الذكاء لديهم طبيعي، وتاريخهم الأسري لا يشير إلى إعاقة عقلية في الأسرى من أي طرفٍ كان.
المظاهر اللغوية
اللغة هي عامل مهم وضروري للتعلم، وميدان العجز عن التعلم تثبتت أركانه في المظاهر اللغوية أهمها :
•الديسلكسيا أو صعوبات القراءة
•صعوبات الكتابة
إن أطفال صعوبات التعلم يترافق معهم تأخر لغوي عادةً،وعدم القدرة على استخدام اللغة بشكل صحيح، إذا أصيب الطفل بإصابة دماغ بعد تعلمه اللغة ما أدى لحدوث صعوبات تعلم لديه فإن الخلل اللغوي الذي يحصل في هذه الحالة يسمى بالأفيزيا أو الحبسة الكلامية.
أسباب صعوبات التعلم
تناثرت أفكار الباحثين و أسئلتهم بحثاً عن إجابة شافية لأسباب هذه الحالة، فمنهم من وجد أنها تتمثل في إصابات الدماغ أو الاضطرابات الانفعالية، منهم من يعزي ذلك إلى أسباب جينية وهذا سبب نلمحه بمعظم الاضطرابات، فقد يكون من أسباب صعوبات التعلم سبب وراثي، أما طرف ثالث يعتبر العوامل البيئية من العوامل التي قد تسبب صعوبات تعلم، مثل نقص الخبرات التعليمية، سوء التغذية، سوء الحالة الطبية وقلة التدريب، فنقص الخبرات البيئية والحرمان من المثيرات المناسبة قد يسبب صعوبات تعلم.
ماذا يحتاج طفل صعوبات التعلم؟
طفل صعوبات التعلم يحتاج إلى أخصائي تربية خاصة للعمل معه و لاتباع طرق تدريس مختصة فيه، وذلك من خلال غرفة المصادر في المدارس، مع التنويه لدرجات صعوبات التعلم فهناك البسيط، المتوسط، الشديد والشديد جداً. لذلك الصف العادي لا يعتبر مكان مناسب لطفل صعوبات التعلم.
صعوبات التعلم لا تعني أن طفلك غبي، فلا تجبره على ما لا طاقة له به، ولا تنكر هذه المشكلة ،خذ بيد طفلك وانطلق به في سماء العلاج، فهو بحاجة تقبلك و مساعدته أولاً و أخيراً ، هو ذكي بنظر نفسه و بوجودك معه .