دماغ الإنسان كتلة من الترابط المنظم، فريق الدماغ المعد و المجهز بشكل متقن يتعاون لإتمام كافة الأمور البشرية، هذه الكتلة تحتاج غذاء حتى تستمر في عملها، من جلوكوز و أوكسجين و مواد غذائية مهمة للخلايا، كل هذه الوحدة التغذوية يحصل عليها الدماغ من الدم، هذا الدم يسير في شرايين و أوردة تصل الدماغ من القلب، و تتجمع في دائرة تغذوية تغذي الدماغ، ماذا إن حدث خلل ما في هذه الدائرة ؟ قد يحدث خلل ما في هذه الدائرة أيضاً عند أطفالنا، دعونا نتعرف ما الذي يحصل فيؤثر على هذا الدماغ الصغير .
الجلطات الدماغية
كثيراً ما سمعنا عن الجلطات الدماغية، و شاهدنا بأم أعيننا النتائج و الآثار المترتبة عنها، كما سبق و ذكرنا أن الدم يزود الدماغ بالتغذية اللازمة له من خلال الشرايين و الأوردة، فإذا حصل خلل ما في هذه التوصيلات الدموية فإن الإنسان يكون عُرضة للجلطات، الذي يحدث فعلياً يتمثل في نوعين من الجلطات. قد تتشكل كتلة من الدهون أو الكولسيترول في الشريان وتعمل على إغلاق الشريان أو سريان خثرة و تغلق مكان رفيع في الشريان فتمنع من وصول الدم منطقة الدماغ، أما النوع الثاني قد يحدث عند حصول تمزق في الشريان وعادةً يكون نتيجة إرتفاع في ضغط الدم فيؤدي إلى إنفجار الشريان وخروج الدم منه إلى المناطق المجاورة في الدماغ. ولكلٍ تأثيراته، من تأثير على النطق واللغة، الوعي، الذاكرة، الحركة، المهارات الإدراكية وغيرها.
في النوع الأول تخرج الناقلات العصبية من الخلايا الميتة التي انقطع عنها الغذاء وتؤثر على الخلايا المجاورة كمواد كيميائية ، و في النوع الثاني الدم الخارج بما يحوي من مواد يؤثر على الخلايا المجاورة أو طبقات الدماغ.
الجلطات الدماغية عند الأطفال
قد نستغرب للوهلة الأولى، هل هذا الدماغ الصغير الذي لم يرى من الحياة شيئاً بعد قد يتعرض لجلطات؟ نعم صحيح.هناك سبب رئيسي يزيد من إحتمالية تعرض الأطفال للجلطات، وهو مشكلة خَلقية في المحطات ما بين الشرايين و الأوردة، كما نعلم أن الشريان يكون سميكاً لأن تدفق ضغط دم عالي فيه، بالمقابل فإن ضغط الدم فيه أقل ، بإنتقال الدم بينهما يوجد محطة يمر بها تعمل على مساعدة الوريد على استقبال الدم من المنطقة العلية، هذه المناطق عند بعض الأطفال لسبب ما في مرحلة التطور و التمايز في المرحلة الجنينية أصابها خلل، بالتالي عدم عمل هذه المحطات يجعل عملية نقل الدم فيها خلل و ضغط ما بين المناطق، ما يؤدي إلى زيادة إحتمالية حدوث الجلطات الدماغية في مرحلة الطفولة. وهناك عدد من الأسباب الأخرى قد تسبب الجلطات مثل ( أمراض القلب، عمليات القلب، التوصيلات الدموية غير طبيعية، أورام دماغية، تخثر الدم، التهابات فيروسية، إصابة الرأس، نقص الماء،وغيرها…)ويترتب عليها عدد من التأثيرات.
تأثير الجلطات الدماغية
في مرحلة الطفولة هناك تأثير واضح للجلطات الدماغية قد يؤدي هذا التأثير إلى الموت، أو قد يؤدي لعدد من المشاكل المترافقة منها:
١-الأفيزيا و التي تتمثل في مشاكل اللغة الإستقبالية أو التعبيرية حسب المنطقة المتأثرة، والتي تفقد الطفل جزء مهم من اللغة التي اكتسبها و تعلمها.
٢- مشاكل حركية و ذلك يعتمد على المنطقة المصابة أو المناطق المتضررة نتيجة الإصابة إن كانت منطقة مسؤولة عن الحركة.
٣- مشاكل في الحواس و الإحساس.
٤-مشاكل في الذاكرة .
٥- صعوبات بلع
٦-مشاكل إدراك و وعي.
٧-تشنجات.
فالجلطات قد تقلب حياة شخص رأساً على عقب ، كما أنها تغير حياة أطفالنا و سيرها الطبيعي، وتفتح مدارات العلاج التي كنا بغنى عنها في لحظة من اللحظات.
أعراض الجلطات الدماغية
الأعراض التي تظهر على الأطفال عادةً مختلفة عن الأعراض التي تظهر عند الكبار، وتشكل ألم شديد بالرأس مع حمة، وهناك تشابه كبير ومشترك بين أعراض الجلطات عند الكبار مع الأطفال، عند الأطفال الصغار في المراحل العمرية الأولى قد تكون على شكل تشنجات يتبعها عدم قدرة على الحركة و التطور. في المراحل العمرية الأكبر تظهر بشكل مفاجئ علامات و أعراض منها:
١-ضعف في اليد و الأقدام، وعادةً تكون في نصف واحد من الجسم، و تسبب مشاكل مشي، جلوس، و وقوف يترافق معها تخدير و نمنمة في اليد أو القدم.
٢-صعوبات في الكلام، الفهم ،القراءة، الكتابة والتركيز
٣-مشاكل في الرؤية في عين واحد أو الاثنتين.
٤-دوخة وفقدان توازن
٥-صعوبات بلع مع سيلان لعاب.
٦-ألم في الرأس و استفراغ
٧-نوبة صرع و تغيير في السلوك و الأداء المفاجئ. كل هذه الأعراض قد تظهر على الأطفال عند تعرضهم للجلطات؛ لذلك إذا لاحظنا أي عرض علينا التوجه لأقرب مركز صحي، فكلما سرّعنا في إنقاذ المريض ساعدناه على تجاوز الكثير من الخسارات.
علاج الجلطات الدماغية العلاج
عند الصغار و الكبار متشابه، فالعلاج عند الأطفال أيضاً يتم من خلال تدخلات طبية تشمل ( الأدوية،قد يحتاجون لعمليات في الدماغ في حالة حدوث تمزق في الشرايين أدى إلى فقدان الوعي ،أو بنى ضغط على الدماغ،علاج الأمراض المترافقة مع الجلطة، معالجة سبب المشكلة لتجنب جلطات أخرى) بالإضافة لعملية إعادة التأهيل المهمة جداً في إعادة الوظائف المفقودة نتيجة الجلطة أو تنشيط الخلايا الأخرى لتعوض عمل الوظيفة التي فُقدت، و معالجة الجوانب اللغوية و النطقية تقوية العضلات، معالجة المشاكل المترافقة بسبب الجلطة. إتمام العلاج و السير به أمر غاية بالأهمية حتى لا تسير الأمور بمحط سيء.
دماغنا هذه الكتلة العجيبة المليئة بالدقة، إذا حدث بها أي خلل قد يغير و يزعزع حياة الإنسان سواء كان طفلاً أو شاباً أو حتى كبيراً بالعمر، ذلك معرفة الأعراض و محاولة إنقاذ الشخص بأقصى سرعة أمر مهم جداً، مع معرفة الأسباب لتجنبها إن أمكن و الطرق العلاجية للإستمرار بها إن حدثت الجلطة، هوّنوا على الشخص المتعرض لجلطة دماغية، و إن كان طفلكم فهوّنوا عليه وكونوا معه في كافة أوجاعه و افتحوا للأمل طريقاً في حياته.
سجل معنا الآن ولا تتردد بمساعدة طفلك